الثلاثاء، يونيو 28، 2011

جـــدتي..

و هي كل ما خلف الدهر
من الحب و المنى و الظنون.
و رجاء بدا فالهمني الصفو
و خفت أنواره لحنيني.
قد فقدت الأم الحنون فأنستني
مصاب الأم الرؤوم الحنون.
كم تحملت في حياتك سقما
ود قلبي لو أنه يعتريني.
تتلوين في مهاد المنايا
و تغيبين في عذاب الأنين.
و تضجين بالدموع سجاما
و تطوفين في بحار السنين.
ثم آب السفين بعد طواف
خاليا عودة الكسير المهين.
تاركا في البحار عذب أغانيه
لها بالمياه أي رنين.
يا لها ليلة و قد عادت الروح
إلى ربها و دنيا اليقين.
فزعت كل مهجة لأساها
وارتمى الفكر فوق صدر الشجون.
و انجلى الفجر حاملا بين
كفيه سعيرا عذابه يصليني.
جاء بأخلفه نوى و بعادا
لا يرجى اللقاء فيه بحنين.
رفعوا نعشها و نحن حيارى
و الدموع الغزار ملء العيون.
أيها القبر كن عليها رحيما
مثلما ربت اليتامى بلين.
أيها القلب هل تلام شمالي
و التي تفعل الذنوب يميني.
لا تلمني فلست قد علم الله
أرد القضاء لو يأتيني.
ولم الموت و الزمان الذي
يسلب ما ترتجيه غير صنين.
جدتي من أبث بعدك شكواي
طواني الأسى وقل معيني.
أنت يا من فتحت قلبك
بالأمس لحبي أوصدت قبرك دوني.
فقليل علي أن أذرف الدمع
و يقضي علي طول أنيني.
ليتني لم أكن رأيتك من
قبل و لم ألق منك عطف حنون.
آه لو لم تعوديني على العطف
و آه لو لم أكن أو تكوني.
بدر شاكر السياب - رثاء جدتي